إن أردت معرفة ما يمكن أن تعانيه الأمهات والأطفال معرفة حقيقية، فعليك بجلسات الأمهات سويًا ومتابعة مناقشاتهم وأسئلتهم لبعضهم البعض، فعادة ما تحاول كل أم سؤال من سبقها حول أي طارىء في علاقتها بطفلها، وعلى المدى البعيد نسبيًا تجد أن كل الأمهات يعانين من نفس المشاكل والاضطرابات تقريبًا. ومن بين أشهر تلك المناقشات تأتي مناقشة كيفية التعامل مع انتكاسات النوم عند الأطفال على رأسها.

حتى الأمهات اللاتي التزمن بتطبيق روتين النوم مع أطفالهن وأتت التجربة بثمارها الإيجابية، قد يعانين فجأة من انتكاسات في النوم عند أطفالهن، فما هو السبب في تلك الاضطرابات المفاجئة؟ وما هي أعراضها؟ وما سببها؟

هذا ما نوضحه لك بالتفصيل في هذا المقال، فتابع القراءة لمعرفة المزيد حول الأمر.

عن انتكاسات النوم عند الأطفال

تعد تحديات النوم إحدى تحديات الطفولة، ولكنها تحدٍ طبيعي ومتوقع، فحتى الأطفال الذين ينامون بانتظام نسبي من المتوقع أن تحدث لهم بعض الانتكاسات والتغييرات في نمط النوم الخاص بهم، ولعل أشهرها تلك التي يعاني منها الأطفال الرضع في حال حدوث تغييرات كبيرة وملحوظة في نموهم.

وكذلك من أشهر الفترات التي يحدث فيها انتكاسات في نوم الأطفال هي حول عيد ميلادهم الثاني، حيث لا تحدث تلك الاضطرابات فقط في النوم ليلًا، لكن تتسع لتشمل فترة القيلولة كذلك.

والآن دعنا نوضح بتفسير علمي وأكثر تحديًدا ما هي تراجعات النوم عند الأطفال؟

ما هي انتكاسات النوم عند الأطفال؟

تعرف انتكاسات النوم أو تراجع النوم عند الأطفال على أنها تغيير مفاجئ وملحوظ في عادات نوم  الطفل الصغير الإيجابية- كالنوم لساعات متواصلة أثناء الليل- وإن كانت تسمية” تراجع” غير مناسبة بدقة، لأنه أنه ليس تراجعًا بقدر ما هو تقدم حيث يعكس تقدمًا في نمو الطفل.

قد تظهر تلك الانتكاسة في عدة صور؛ مثل: رفض الطفل الذهاب لسريره، والاستيقاظ المتكرر أثناء الليل على الرغم من عادته في النوم المتواصل، ومقاومة القيلولة. وعلى الأغلب وبحسب آراء الخبراء فإن كل تلك التغيرات تكون نتيجة نمو الأطفال وتعد خطوة في تطورهم الطبيعي.

وقد تحدث تلك الانتكاسات أيضا بسبب شعور الطفل بالتوتر أو تغيير في روتين الحياة اليومي للأطفال.

وفي بعض الأحوال تكون تلك الانتكاسات ما هي إلا انعكاس لرغبة الأطفال في تأكيد استقلاليته، وأنه أصبح يمتلك بعض الآراء والوجود في ذلك العالم، فتجدهم يحاولون التحكم في وقت نومهم من دون وصاية الآباء.

متى تحدث انتكاسات النوم عند الأطفال؟

لا يمكن الجزم بوقت محدد تحدث به تلك الانتكاسات؛ بل لا يمكن الجزم بأن كل الأطفال يمرون بها. لكن من المؤكد أن اغلب الأطفال يواجهون تلك الاضطرابات، أما عن الوقت فهي تحدث على الأغلب بين عمر 18 شهرًا وعامين.

من المرجح أنك ستلاحظ تلك التغييرات في ذلك العمر لدى الطفل، وقد تمتد لعدة أسابيع، ولكن اطمئن فتلك فترة محددة ومن ثم يعود الطفل لنومه بصورته الطبيعية، وتختفي العادات المصاحبة له من البكاء ومقاومة النوم والاستيقاظ المتكرر ليلًا.

أهم مشاكل النوم الشائعة عند الأطفال الصغار وكيفية التعامل معها

من المؤكد بعد قراءة تلك السطور الفائتة أنك أيقنت أن طفلك لا يعاني من أي مشكلة فيما يخص ما يمر به من انتكاسات في النوم، وسواءً كان عمر طفلك عامًا ونصف أو عامين أو ثلاث، لا بد أن تعرف كيف يمكنك التعامل مع تلك الانتكاسات بطريقة سليمة حتى تساعد طفلك، لذا فإننا نقدم لك أشهر مشاكل النوم وكيفية التعامل معها بطريقة سليمة.

1. المشكلة: الطفل يؤخر وقت النوم

“لا تحلو له الطلبات إلا في ساعة النوم”؛ تلك شكوى متكررة من كل أمهات أطفال انتكاسات النوم، حيث تجد الطفل يقاوم وقت النوم بكل الحيل الممكنة فيطلب كل ما يمكن ما يؤجل خلوده للنوم، حيث يخبرك فجأة أنه جائع، أو يريد تناول الماء، أو استخدام الحمام، أو قصة إضافية.

كيفية التعامل الصحيح: اجعل طفلك يتحكم في بعض الأمور الخاصة بالنوم.

بالتأكيد يجب المحافظة على روتين النوم، مثلًا يجب الالتزام بكل الخطوات المتبعة سابقًا لكن يمكن إضافة بعض الأمور التي يكون الحكم فيها للطفل. بخطوة بسيطة اجعل طفلك يختار ملابس نومه، ونفّذ رغبته، هذا يجعل الطفل أكثر قدرة على الخلود للنوم ولا تجعله يقاومه.

2. المشكلة: الطفل لا يريد البقاء بسريره

قد تظهر انتكاسة النوم عند الأطفال عن طريق الاستيقاظ المتكرر في الليل دون البقاء في السرير، لكن تجد الطفل قرر فجأة بعد أن كان ينام بمفرده الذهاب إلى سريرك في الرابعة صباحًا.

الحل: اطلب من طفلك الرجوع لسريره..

فقد يكون السبب شعور الطفل بالخوف أو رغبته في الالتصاق بك. بالطبع يجب عليك تقدير ذلك لكن لو سمحت لطفلك بالنوم في سريرك فبذلك أنت تبدأ معه مرحلة من الاصطدام اليومي قبل النوم، لأنه على الأرجح سيرفض النوم في سريره الخاص بعد ذلك.

لذا اشرح له أن غرفته مكان آمن ويمكنك تعليق بعض الأجراس على باب غرفته حتى تتمكن من سماعه قبل أن يدخل لغرفتك، كما يمكنك ترك باب غرفته مفتوحًا لمزيد من الشعور بالأمان.

3. المشكلة: الطفل خائف من النوم

إحدى مشكلات التربية هو أنك لست كأم أو أب، المدخل الوحيد لأطفالك، بمعنى أنه هناك الكثير من المحيطات التي يمكنها أن تشاركك. كأم مثلًا لم تكن ابنتي تعرف كلمة” عفاريت” لم أذكرها أنا أو أباها أمامها مطلقًا، لكني تفاجئت بها ذات يوم تسألني عن معنى الكلمة التي من المؤكد أنها سمعتها من شخص ما؛ وبالتأكيد يحدث هذا مع كل الأطفال.

وفي مرحلة عمرية محددة يبدأ خيال الطفل في العمل، فمن المؤكد أن خيالاته تلك قد تعيقه عن النوم وتجعله خائفًا من النوم، مما يؤدي إلى انتكاسات واضحة في النوم.

الحل: اعرف مخاوف طفلك وتفهمها

عليك ألا تنكر على طفلك مشاعره ولا تسفه منها، بل يجب عليك أن تفهمها وتتعامل معها بطريقة صحيحة.

فإن كان طفلك يخاف الأشباح أخبره أنه يحيا في مكان آمن، وأن تلك الأشباح لا وجود لها، وأنّك بجانبه دومًا وتستطيع حمايته. يمكنك منحه لعبة محددة تجعله يشعر بالأمان كعروس، أو دب كبير مثلًا.

وعليك الانتباه باختيار الطريقة السليمة لأن الأطفال أذكياء للغاية، فلا تخبره مثلا أنك قضيت على الأشباح، وأن الغرفة أصبحت آمنة، لأن هذا إقرار منك بوجودها، وهذا ما يلتقطه دماغ الطفل، وبالتالي يجعله يخاف أكثر.

4. المشكلة: الطفل يرفض القيلولة

الأطفال في عمر 4-5 سنوات يلزمهم قيلولة واحدة يوميًا، ولا يكونوا على قادرين على الاستغناء عنها. فيما بعد ذلك يمكن للأطفال الاستغناء عن القيلولة، لذا فإن كان عمر طفلك 4-5 سنوات أو أقل ولا ينام قيلولته، فاعلم أنَّ ذلك دليلًا على تغيير في عادات النوم لديه.

الحل: لاحظ إشارات طفل واتبعها

من المتوقع أن تكون الأم على علم بالوقت الذي ينام فيها طفله قيلولته، لكن عندما تلاحظ انتكاسات النوم عند الطفل فتجاهل الساعة قليلًا، ولاحظ الإشارات الدالة على إرهاق طفلك وأنه يريد الراحة.

لاحظ الوقت الذي يتثاءب فيه، أو عندما يقل نشاطه وحركته أو عندما يفرك عينيه، وابدأ بتهيئة الجو لينام مثلًا قم بجعل الغرفة مظلمة، احك له قصة أو أغنية (يفضل الأغنية التي ينام عليها ليلًا).

5. المشكلة: رفض الطفل أن ينام بمفرده

قد يكون الطفل اعتاد النوم بمفرده في غرفته الخاصة، ولكنك قد تتفاجئ برفضه ذلك وطلبه بإلحاح أن تنام الأم معه بغرفته وألا تتركه ينام بمفرده.

الحل: التعامل بهدوء مع الطفل ومحاولة تفهم خوفه

لكن أيضًا في الوقت نفسه أخبريه أن ذلك هو وقت النوم، وأنه يجب أن ينام بمفرده، لكنك ستعودين للاطمئنان عليه باستمرار، ونفذي وعدك بالتأكيد.

وهناك فكرة جيدة تقوم بها بعض الأمهات وهي أن تحدد مع الطفل مدة زمنية معينة ترافقه بها داخل الغرفة، 5 دقائق مثلًا، ومن ثم تقوم يكون وقت انسحابها قد حان.

أخيرًا، تعد انتكاسات النوم عند الأطفال من أشهر ما يمر به الأطفال فلا داعي للقلق عند مرور طفلك بها؛ فقط ما عليك سوى اختيار الطريقة الأمثل والأنسب لطفلك للتعامل معها، والتحلي بالهدوء والصبر فلا رفيق غيرهما في رحلة الأمومة.

المراجع

1   2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *