هل هناك ما يتمناه الأبوين أكثر من أن يكبر طفلهما أمامهما بصورة طبيعية؟ يشاهدانه يكبر ويلعب وينمو بشكل صحي، وبالتأكيد النمو هنا المقصود به النمو الجسدي والعقلي.

يهتم الآباء بالنمو الجسدي بصورة فطرية فتراهما يعملان من أجل توفير الطعام الصحي المناسب للطفل، لكن هل فكرت من قبل في النمو الصحي للطفل من الناحية العقلية؟

نعم، يمكن للآباء مساعدة أبنائهم في تعزيز النمو العقلي بالعديد من الطرق البسيطة والسهلة، والتي تؤتي نتائج مميزة للغاية.

جمعنا لك بعض النصائح المهمة لتعزيز النمو العقلي الصحي للطفل، فتابعونا. لكن دعنا نبدأ بمقدمة مختصرة عن دماغ الطفل عند الولادة.

دماغ الطفل

ينمو دماغ الطفل بالتدريج، حيث يبدأ أثناء الحمل ويستمر حتى مرحلة البلوغ المبكر. يتكون الدماغ من العديد من المناطق المختلفة التي تتحكم في كل ما يقوم به الإنسان بداية من الحواس كالسمع، وصولًا للعديد من المهارات كحل المشاكل.

تحتوي كل منطقة في الدماغ على ملايين الخلايا العصبية التي تتواصل مع بعضه البعض عن طريق تمرير بعض الرسائل الكيميائية من خلال مساحات صغيرة تسمى المشابك العصبية، ومع تكرار الرسائل يتم إنشاء العديد من الروابط وتشكيل ما يعرف بالمسارات العصبية.

يمكن تشبيه تلك المسارات العصبية على أنها أسلاك أو روابط في الدماغ، وفي السنوات الأولى من عمر الطفل تتطور تلك الأسلاك بوتيرة مرتفعة بعض الشيء.

لكن كيف يحدث ذلك التطور؟ والأهم هل من دور يمكننا القيام به كوالدين من أجل مساعدة دماغ الطفل على التطور بطريقة صحية؟

تطوير دماغ الطفل منذ الولادة

تلك ” الأسلاك” الموجودة في دماغ الطفل لا تكون مكتملة عند الولادة، بل إنها تتطور وتتغير نتيجة الاستجابة للكثير من المؤثرات المحيطة بالطفل. بقول آخر تساعد الأحوال والتجارب المحيطة والأنشطة التي تحيط بالطفل مثل القراءة واللعب في تطوير دماغه بصورة مباشرة.

وهنا يأتي دور الآباء في تهيئة ما يحيط بالطفل لإعداد الوصلات العصبية في دماغه، حيث إنَّ جودة تلك الوصلات تنعكس بصورة مباشرة على كل محطات حياته القادمة، بداية من تعلم اللغة إلى مستوى التحصيل الدراسي، وحتى نشاطه الاجتماعي في التواصل مع الآخرين وصحتهم الجسدية والعاطفية.

وهنا قد يتساءل البعض عن مدى فاعلية توفير محيط فعال للطفل على تطور دماغه في السنوات الأولى من عمره اعتقادا أن الطفل غير مدرك ومميز.

أثبتت الدراسات الحديثة عكس ذلك، حيث إن الطفل من لحظة ولادته – بل وأثناء وجوده في بطن أمه – يمكنه تمييز المشاعر حيث تساعد العلاقات الإيجابية على بناء أدمغة صحية لدى الأطفال، وقد يعاني بعض الأطفال في أعمار مبكرة للغاية من توتر وقلق عندما تكون بيئتهم غير آمنة. لذا دعنا ننتقل إلى ما يحتاج إليه دماغ الطفل في مرحلة النمو.

احتياجات دماغ الطفل النامية

تحتاج دماغ الطفل إلى العديد من الأمور حتى يتطور بشكل طبيعي، ومنها:

1. تجارب إيجابية تنمي دماغ الطفل

تعد التجارب اليومية الروتينية العادية هي أول ما يحتاج إليه طفلك حيث ينعكس على تعزيز الكثير من المشاعر والأفكار لديه، بداية من توفير أماكن مناسبة للعب والعيش حتى الأشخاص الذين يتواصلون معه بصورة يومية.

كما يتأثر الطفل باستجابة من حول له وتلبية طلباته، لذا عليك أن تعرف الأوقات التي يشعر فيها الطفل بالجوع والتعب والتوتر، ومن ثم الاستجابة بطريقة مناسبة لما يشعر به، لأن هذا يمنحه الشعور بالأمان مما يزيد من تطوير دماغه بطريقة صحية.

2. الأنشطة الممتعة

هناك الكثير من الأنشطة التي يمكن أن يقوم بها الآباء لتعزيز النمو الصحي لأدمغة أطفالهم، وتتميز جميعها بالسهولة، مثل التحدث إلى الأطفال باستمرار، والغناء، والقراءة.

إضافة إلى بعض الألعاب البسيطة مثل النوم مع الطفل على البطن على الأرض في شهور عمره الأولى، أو لعبة التخفي والظهور مع الطفل في عمر الستة أشهر. وفي العمر الأكبر يمكن لألعاب مثل التسلق، النظر للمرآة أن تعزز نمو دماغ الطفل.

3. الطعام الصحي

يعد حليب الثدي هو أفضل غذاء لطفلك في الأشهر الستة الأولى، وحتى إن كنت ترضعين طفلك صناعيًا فإن وقت الرضاعة وقت مثالي لبناء دماغ الطفل.

يمكن القيام ببعض الأنشطة البسيطة مثل التواصل البصري، الابتسام، ملامسة جلد الطفل لجلد الأم.

ومع تقدم الطفل في العمر والبدء في منحه بعض الأطعمة التكميلية بجانب الرضاعة تأكدي من تقديم الطعام الجيد الذي يحتوي على الحديد والفيتامينات مثل: الفواكه، والخضروات.

كل تلك المقومات إن لاحظت سهلة وبسيطة ويمكن لأي أبوين القيام بها، فهي ليس ألعاب باهظة الثمن يصعب على البعض اقتناؤها بل ممارسات يومية عادية للغاية تضمن تفاعل الطفل معك، وأخيرا يجب التنبيه على عدم السماح للأطفال دون العامين بمتابعة الشاشات.

نصائح مهمة للوالدين لتعزيز النمو الصحي للطفل

1. الاستجابة للطفل

تعرف كل أم طرق تواصل ابنها، فالبعض يتواصل بالثرثرة بينما يكتفي آخر بالابتسام، وهناك الكثير من الطرق الأخرى، يجب على الأم أن تفهمها وتتجاوب معها.

ولا يجب إغفال أهمية التواصل مع الطفل في حال مرضه أو شعوره بالخوف أو الإزعاج أو غيره من المشاعر التي تتطلب أن تلبي شعور طفلك بالأمان والطمأنينة، حيث الاستجابة لمشاعر الطفل تعزز نمو دماغه بطريقة صحية.

2. توفير بيئة آمنة ومحبة في المنزل

إن الطفل الذي ينشأ في بيت هادئ ومستقر ويشعر أفراده بالحب تجاه بعضهم البعض وتجاه الطفل، يكون دماغه أكثر تطورًا من قرينه الذي ينشأ في بيئة تملؤها المشاكل والضغائن.

3. اجعل طفلك يكتشف العالم حوله

يساعد اكتشاف الطفل للعالم على تنمية العديد من المهارات لديه مما يعمل على تعزيز نموه بشكل صحي، يمكن ذلك من خلال اللعب والكلام للطفل في أثناء ممارسة الأنشطة اليومية العادي.

احكي لطفلك عن يومك وأخبره بما يحدث حوله، قم بتسمية الأشياء التي تمرون بها وعرفه بها… من الممكن ألا تلاحظ التأثير في نفس الوقت لكن من المؤكد أنك ستلاحظ في مراحل نمو الطفل.

4. قدم أفضل رعاية صحية ممكنة

تعد الرعاية الصحية للطفل من أولويات ما يجب أن يوفره الآباء لأطفالهم، حيث يجب أن تتم مراجعة الطبيب بشكل دوري لمعرفة تطورات الطفل وقياس علامات نموه ومعرفة ما إذا كان هناك أي مشكلة.

كما يجب عليك الاهتمام باللقاحات الدورية وعدم التهاون في منحها للطفل.

5. خلق حياة اجتماعية للطفل

تساعد الحياة الاجتماعية في تطوير حياة البشر عموما، فكيف الحال مع طفل صغير ما زال يكتشف أحوال العالم من حوله؟

يمكن ببساطة أن تطلب من مجموعة من أصدقائك الخروج في مكان ما والسماح للأطفال باللعب سويا، كما أن الزيارات الدورية للعائلات تعد خيارا جيدا أيضا.

6. اختر مقدم رعاية بعناية فائقة

تضطر بعض الأمهات لترك أطفالهن لبعض الوقت إما للعمل أو لغيره من الأسباب، ويبدأ البحث عن نقدم للرعاية للطفل في فترات غياب الأم.

أعظم ما يمكن توفيره لطفلك هو مقدم الرعاية الذي يستجيب لاحتياجاته النفسية والعاطفية، ويوفر له بيئة صحية في فترات غيابك تساعد على تطوير دماغ الطفل.

من المنح الإلهية أن أغلب ما يمكننا فعله لأطفالنا في سبيل تطوير عقولهم هي أمور بسيطة للغاية ولا تكلفنا الكثير، فقط تحتاج إلى بعض التركيز والوقت والمجهود والانتباه… وجميعها أمور بسيطة للغاية أمام ما نود أن نرى أطفالنا عليه.

المراجع

1 2 3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *