وقت اللعب مع الطفل في طفولته المبكرة: متعة للطفل وفوائد عديدة

طفل يجلس ليلعب بألعابه، أو يملؤ كوبه بالماء، أو يتناول وجبة إفطاره مع محاولات مستمرة لوضع الطعام بفمه، أو يركل كرة بقدمه، أو طفلة تحاول إطعام دمياتها… مشاهد بسيطة ويومية يراها كل من لديه طفل في منزله، لكن هل تعلم أنَّ الأمر بالنسبة للطفل يتعدى كونه مجرد لعب أو حركات روتينية يقوم بها؟

نعم، بالنسبة للطفل فإن اللعب يصقل مهاراته اللغوية والحركية، كما يكتشف الطفل من خلالها الكثير من المبادئ الرياضية والعملية.

لذا وكما يقول خبراء التربية إن وقت اللعب وقت مهم للغاية في تنشئة الطفل، ويجب الاهتمام به من أجل حصاد أكبر قدر من الفوائد منه على الطفل.

اليوم نصطحبك في رحلة لعالم اللعب عند الأطفال، ولا تخف فإن كل ما نذكره من نصائح وتجارب واقعية، لأنه وببساطة كاتبة تلك السطور أم. 

مراحل اللعب عند الأطفال الصغار

تبدأ مرحلة اللعب عند الأطفال الصغار عندما يبدأ الطفل الرضيع بملاعبة نفسه، وهو أمر ممتع للغاية له في تلك المرحلة، لكن عند البدء في مرحلة المشي فيمر الأمر بعدة مراحل وأشكال، وهي:

المرحلة الأولى – من 9 أشهر لعامين

يمكن للطفل أن يتحرك من حولك لكن دون الابتعاد عنك تماما، وفي تلك المرحلة العمرية تكون حصيلة الطفل اللغوية بضع كلمات يمكن استخدامها في اللعب، كما أنه يحب الدفع والتصفيق ويمكنه اللعب بمفرده. وعند الوصول لسن العام والنصف يبدأ في حب اللعب بالمكعبات أو الدمي.

المرحلة الثانية – 24 شهرًا

في عمر العامين يبدأ الطفل في ركل كرة القدم، كما أنه يبدأ في الركض، ويمكن للطفل استخدام الألوان للتلوين بها، ويفضل الطفل في تلك المرحلة الجلوس بجانب الأصدقاء أو الأخوات من دون أي تفاعل، وهو ما يسمى اللعب المتفرج أو المشاهد.

المرحلة الثالثة – من 3-4 سنوات

تتميز تلك المرحلة باللعب المتوازي، أي قد يلعب الأطفال جنبًا إلى جنب لكن من دون أن يشارك أحد منهم لعبه مع الطفل الآخر.

المرحلة الرابعة – ما فوق الرابعة

تتميز تلك المرحلة بأن لعب الأطفال بها يكون تشاركيًا، أي يتعاون الطفل مع أصدقائه فيبدأ بتمرير بعض الألعاب لصديقه ومشاركته لها.

ما هي بعض المقترحات للعب مع طفلك؟

كما ذكرنا فإن وقت اللعب هو وقت مثالي للغاية لتعليم الأطفال، وزيادة مهاراتهم، وضبط سلوكياتهم، وتعويدهم على العادات السليمة؛ لذا من أفضل الأفكار أن تحضر مجموعة متنوعة من الألعاب لطفلك حسب عمره، كما يجب تشارك طفلك اللعب في بعض الأوقات وتستغلها في تعزيز لغته وسلوكياته.

وفي النقاط التالية نعرض لك بعض الألعاب التي يمكنك ممارستها مع طفلك من أجل المتعة والتعليم في آن واحد:

  1. حفلات الشاي

 تعد تلك أحد الألعاب الكلاسيكية وعلى الرغم من ذلك فإنها مثالية للغاية، تقوم فكرة اللعب على أن يجتمع الطفل بألعابه من حيوانات ودمى ليعزمهم على حفلة شاي.

تعزز تلك اللعبة الخيال عند الطفل، كما تزيد من حصيلته اللغوية لبعض الكلمات المتعلقة بالأمر.

  1. الكروت التعليمية

 من أكثر الألعاب التي تنمي اللغة عند الطفل، وتسهل معرفته بالألوان، والحيوانات، والأشكال.

  1. فارزات الأشكال

 يساعد وجود عدد معين من نفس الشكل مثلًا بألوان محددة، أو وجود عدة أشكال هندسية بلون واحد، على تعليم الطفل الأحجام، والألوان، والأشكال الهندسية بطريقة مسلية وبسيطة للغاية.

  1. الألغاز أو الأحاجي

 أو اللعبة المعروفة شعبيًا باسم” البازل”، وتقوم فكرة تلك اللعبة على وجود لوح كبير به العديد من الرسوم، تلك الرسوم ليست مثبتة به بل يمكن خلعها وتركيبها، وهنا يقوم الطفل بفكها، ومن ثم محاولة وضعها في مكانها الصحيح مرة أخرى.

تنمي تلك اللعبة مهارة التفكير المنطقي وحل المشكلات لدى الأطفال، حيث تشجع الطفل على التفكير في أي الفارغات تناسب قطعة البازل المراد تركيبها. عليك فقط التأكد من أن قطع البازل كبيرة، ومصنوعة من مواد آمنة من أجل سلامة الطفل.

  1. ألعاب الدفع والسحب

 على الرغم من الارتفاع النسبي لتلك الألعاب إلا أنها تحفز الخيال لدى الطفل، إضافة إلى تعزيز قدرته على التنسيق.

  1. الصعود والنزول أعلى المنزلق

تساعد تلك اللعبة على تعزيز معرفة الطفل بطريقة عمل جسده، ومعرفة بعض المصطلحات مثل الجاذبية الأرضية وإدراك دورها في تسريع عملية النزول في مقابل الصعود الذي يحتاج إلى مجهود عضلي أكبر.

ما هي المدة الزمنية الذي يحتاجها الطفل للعب؟

تختلف الأطفال فيما بينها، فهناك بعض الأطفال الذين يفضلون اللعب طوال الوقت، بينما يرضى غيرهم بمدة زمنية أقصر، لكن في المتوسط فإن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12-36 شهرًا لا بد من إجراء نشاط بدني بشكل يومي.

يجب قضاء ما يقارب 30 دقيقة يوميًا في أي نشاط بدني مناسب لعمر الطفل وحالته الجسدية وصحته العامة، وهناك بعض الأنشطة البسيطة المناسبة للأطفال مثل: ركل الكرة، أو ركوب دراجة ثلاثية العجلات.

والجدير بالذكر أنَّه يجب عدم إهمال وقت اللعب الحر، أي ترك الطفل يلعب ما يريد وكيفما يشاء مدة لا تقل عن ساعة يوميًا، ويهدف ذلك اللعب العشوائي إلى ترسيخ شعور الطفل بالمتعة، فقد تجد الطفل يغني بصوت مرتفع، أو يلعب بالمكعبات، أو يقوم بالتلوين والرسم.

وبشكل عام تذكر دائمًا إن الطفل في تلك المرحلة العمرية يتعرف على العالم من خلال اللعب، فلا تحرمه من ذلك لأي سبب.

ولعلك لاحظت أن كل ما ذكرناه في الأعلى كان خاصًا بلعب الطفل منفردًا، وهنا يجب التنويه على أهمية إدراج الطفل في بيئة بها أطفال لكي يكتسب المهارات الاجتماعية، مثل: المفاوضات والتعاون وغيرها من المهارات التي تتطلب مشاركة آخرين لإدراكها.

لكن دعنا نكمل الحديث على نوع اللعب الذي يقوم به الطفل معظم اليوم، اللعب الذي يكون على الأغلب بمشاركتك للطفل، والذي قد يتحول لوقت به بعض الضغط للآباء، فإليك بعض النصائح المجربة لتحويله لوقت ممتع.

نصائح للآباء عند اللعب مع الأطفال الصغار

هنا أنا أتحدث كأم، تضيق في بعض الأحيان عندما تطلب مني ابنتي الانبهار بتركيب المكعبات بشكل محدد عدد لا نهائي من المرات، أو تطلب مني قضاء وقت طويل للغاية في مراقبتها تحضر الطعام دميتها الصغيرة.

لا يمكنني أن أنكر أن تلك الطلبات الغريبة كانت تضايقني في بعض الأوقات، مما كان يرسب بداخلي شعورًا سلبيًا، ومن المؤكد أن ذلك الشعور كان يتسرب إليها أيضا.

إلا أن حاولت مجددًا وبحثت في الأمر لأجد تلك النصائح من أفضل ما قدم لي في رحلة التربية، خاصة عند قضاء بعض الوقت في اللعب مع الصغار.

  1. قضاء وقت قصير لكن فعّال مع الطفل

تبدأ المشكلة عندما تطول فترة اللعب مع الطفل، حيث تبدأ الأم بالتململ وعلى الأغلب فإن طفلها يشعر بالضيق، لذا يجب تحديد وقت معين لطفلك يمكنك أن ترافقه به.

مثلا: عندما تلعبان معًا لعبة حفلة الشاي، فأخبره أنه بإمكانك حضور حفلة واحدة فقط يمكنكما خلالها تقديم الشاي لكل حيواناته، ومن ثم عندما يقرر طفلك تكرار تلك الحفلة فإنك لن تكون بصحبته.

  1. استحضار طفلك الداخلي

حاول أن ترجع إلى طفولتك وأن تفكر كطفلك، حاول أن ترى الألعاب بنظر طفل ينبهر بقدرته على ترتيب الألوان المتناسقة معًا، طفل يشعر بسعادة غامرة لأنه تمكن من ركل الكرة بطريقة سليمة للمرة الأولى… ألم تشعر بالسعادة لمجرد التخيل وأنت تقرأ تلك الكلمات، فما بالك عندما تشعر بها وأنت تلاعب طفلك؟

  1. تنويع الأنشطة

لكل طفل لعبة مفضلة لا يمل من تكرارها، وهو أمر يشعرنا نحن الآباء بالملل في كثير من الأحيان، لذا قد يكون اقتراح لعبة جديدة على الطفل أمر مهم.

مثلًا إن كان طفلك يفضل اللعب بكرة السلة الخاصة به، من الممكن أن تقترح عليه القيام بتلوين بعض الرسوم.

لا تخف أن يرفض طفلك فعلى الأغلب الطفل في ذلك العمر الصغير يكون غير مدرك لكل الألعاب، لذا قد تأخذه الحماسة لتجربة لعبة جديدة.

  1. كن موجودًا ولا تشارك باللعب

كنت أقع بشكل شخصي في مشكلة أن ابنتي تريد اللعب طوال الوقت، بينما ما زال عقلي مشغولًا بما أريد إنجازه من أعمال أخرى، وهنا كان الحل أنني ساراقبك من دون المشاركة الفعلية باللعب، حيث أقضي وقتي في كتابة أعمالي بينما أراقبها وهي تبني برجًا عاليًا من مكعباتها، وأكتفي بعد انتهائها بالتصفيق وإطراء مسمعها بكلمات إيجابية، ومن ثم استكمال عملي.

  1. كن أنت صاحب اللعب

بدلًا من انتظار أن يطلب طفلك أن تلعب معه، ابدأ أنت وكن صاحب اللعبة، نعم اطلب من صغيرك أن يقلدك ويشاركك فيما تقوم به، عند تنظيف المنزل امنح طفلك قطعة قماش واطلب منه أن يزيل الأتربة من فوق المنضدة.

أو اجعله يقوم بوضع طبقه وكوب الشراب الخاص به في الحوض، لكن لا تغفل أبدًا حساب عمر الطفل، وأن يقوم بأفعال لا تمثل أي خطر عليه، هنا ستقضي وقتًا ممتعًا ومثمرًا بالفعل مع طفلك كوقت اللعب تمامًا.

كل تلك الخطوات تساعد في استمتاعك باللعب مع طفلك، والأهم أنها تعزز العلاقة بينكما، لكن هل من مفاجآت يمكن أن تحدث كعادة عالم الأطفال الذي لا يمكن الجزم بما يحويه؟

يؤسفني أن أقول لك نعم من المحتمل حدوث بعض المفاجآت، لكن دعني أطمئنك أنها لا تستوجب القلق.

ما لا يجب أن نقلق بشأنه أثناء اللعب مع الأطفال

عندما يقرأ الآباء ويبحثون بأفضل الطرق العلمية الحديثة التي تضع نفسية الطفل في اعتباراتها الأولى، للوصول إلى أفضل الحلول لأي مشكلة تواجههم مع أطفالهم، قد يصابون ببعض الخيبة عندما تأتي النتائج مخالفة في بعض الأوقات.

وإن تحدثنا هنا عن وقت اللعب مع الأطفال فإن النصائح المذكورة في الفقرة السابقة وضعها علماء وخبراء متخصصين، كما أنها فعالة- ومجربة بالفعل-؛ لكن هناك بعض الاختلافات المنطقية التي يمكن أن تحدث ولا داعي للقلق منها، والتي تعد نوبات الغضب أشهرها.

نوبات الغضب عند الأطفال

من أكثر ما يثير الآباء هي نوبات الغضب التي تنتاب الأطفال، لكن تلك النوبات يمكن التوقع بها عندما لا تلبي طفلك ما يريد، لذا قد يمثل ظهورها في وقت اللعب تشوشًا لدى الآباء.

لكن دعني أخبرك أنه بحسب خبراء التربية فإن هذا أمر طبيعي ومتوقع، فلا تقلق عندما تبدأ نوبة غضب طفلك عندما تقرر بعد ساعات من اللعب في النادي أنه قد حان وقت المغادرة، أو أنك بعد أنك بعد أن تركته نهارًا كاملًا يلعب أن تخبره بأنه حان وقت تناول طعام الغداء. 

ذلك لأن تلك النوبات تظهر بشكل أساسي بسبب عدم نمو الطفل عاطفيًا ونفسيًا واجتماعيًا بشكل كامل، فيمكن أن تنفجر نوبة غضب لأن المكعبات التي يلعب بها ولا يركبها بصورة جيدة تميل كلما أرداها أن تقف، أو أن الهواء قد بعد الكرة بينما يريد هو تثبيتها على الأرض.

إن نوبات الغضب هي طريقة يعبر بها الطفل عن مشاعره الغاضبة، ومن الممكن أن تظهر بأي وقت حتى في أثناء اللعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *